Zaki Nusseibeh Convocation Address Class 2025 Anwar Gargash Diplomatic Academy

أعضاءُ الهيئتَيْنِ الإداريّةِ والتدريسيّةِ،

الطّلَبةُ الأعزّاءُ،

السّلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه،

سعيدٌ بِلقائي مَعَكم في هذا اليومِ الّذي يَحملُ مَعانيَ البداياتِ والطّموحِ، حيثُ تنطلقونَ في رِحلةٍ جَديدةٍ تُجسِّدُ ثِقةَ وَطنِنا بِقُدُراتِ أبناءِهِ من الكوادرِ الدِّبلوماسيّةِ والقِياديّةِ الواعدةِ، ورِهانُها على جيلٍ يَصنعُ حاضرَها ومُستَقبَلَها المُشرِقَ.

وَبينَما تَستعِدّون لِبدايةِ مَسيرَتِكم في الدِّبلوماسيّةِ الإماراتيّةِ، لا بُدَّ أن نستحضِرَ البداياتِ الأولى الّتي أرسَت هذا النَّهجَ الفَريدَ، والّتي وَضَعَ أُسُسَها القائدُ المؤسِّسُ، المغفورُ لهُ بإذنِ اللهِ الشّيخُ زايدُ بنُ سلطانٍ آل نهيّان، طيَّبَ اللهُ ثَراهُ، إذ رَسَّخ مُنذُ اللَّحظةِ الأولى لِقيامِ الاتّحادِ سِياسةً خارجيّةً تَقومُ على الحِكمةِ والانفتاحِ، وعلى بِناءِ جُسورِ التّعاونِ والتّفاهمِ معَ مختلفِ الدّولِ والشّعوبِ.

واليومَ نواصلُ هذه المسيرةَ بِقيادةِ صاحبِ السّموِّ الشّيخِ محمّدٍ بنِ زايدٍ آل نهيّان، رئيسُ الدّولةِ، حفظَهُ اللهُ، الّذي جَعلَ من الدِّبلوماسيّةِ الإماراتيّةِ نَموذجًا عالميًّا في الفاعليّةِ والقُدرةِ على إِحداثِ فَرقٍ حقيقيٍّ في القضايا الإقليميّةِ والعالميّةِ، بِفضلِ ما تَتَبنّاهُ من سِياساتٍ حَكيمةٍ، وشراكاتٍ دُوليّةٍ فاعلةٍ، ورؤيةٍ تنمويّةٍ شاملة.

أبنائي الطلبة،

الدِّبلوماسيّةُ في عالمِ اليومِ لم تَعُدْ مَحصورةً في التّفاوُضِ السّياسيِّ فقط، بل أصبحت أداةً استراتيجيّةً لِبناءِ شراكاتٍ اقتصاديّةٍ تَدعمُ مَسيرةَ التّنميةِ الوطنيّةِ. كما باتت جِسرًا إنسانيًّا يَحملُ الأَملَ والدّعمَ للشّعوبِ في أوقاتِ الشِّدّةِ، ووسيلةً لتَعزيزِ علاقاتِ الدّولةِ الخارجيّةِ وتَوسيعِ نِطاقِ حُضورِها وتَأثيرِها على السّاحتَيْنِ الإقليميّةِ والدّوليّةِ.

ومِن هذا المُنطلقِ، استطاعتْ دولةُ الإماراتِ خِلال هذا العامِ تَحقيقَ إنجازاتٍ نَوعيّةٍ وطَّدت حُضورَها الفاعلَ في عددٍ من الملفّاتِ الإقليميّةِ والدّوليّةِ، كان للدِّبلوماسيّينَ الإماراتيّينَ فيها بَصماتٌ واضحةٌ.

فَقَد لعِبت الدّولةُ عَبر أَدواتِها الدِّبلوماسيّةِ، دَورَ الوَسيطِ البنّاءِ في جهودِ إحلالِ السّلامِ، وساهمت في دَعمِ بَرامجِ التّنميةِ حولَ العالمِ، وعزَّزت التّعاونَ الدّوليَّ في مُواجهةِ تَحدّياتٍ كُبرى مِثل تغيُّرِ المُناخِ وخِطابِ الكراهيةِ، ممّا يُؤكِّدُ التزامَها بدورِ الدِّبلوماسيّةِ متعدِّدةِ الأطرافِ في إيجادِ حُلولٍ مُستدامةٍ.

على الصّعيدِ الاقتصاديِّ، نَجحتِ الدُّبلوماسيّةُ الإماراتيّةُ في فَتحِ آفاقٍ جَديدةٍ من الشّراكاتِ الّتي تُعزِّزُ مَسيرةَ التّنميةِ وتَدعَمُ طُموحاتِ الدّولةِ نَحوَ مستقبلٍ أكثرَ ازدهارًا.

أمّا على الصّعيدِ الإنسانيِّ، فَقَد كانت الإِماراتُ من أَوائلِ مَن مدُّوا يَدَ العَونِ إلى غزّةَ، فكان حُضورُها الإنسانيُّ بارزًا في لَحظاتِ الأَلمِ، حَيثُ وصلت قَوافِلُ الغِذاءِ والإغاثةِ لِتُخفِّفَ من معاناتِهم.

وفي مساعيها نحوَ السّلامِ، عَمَلتِ الإِماراتُ لِتكونَ جِسرًا بَينَ الخُصومِ، فأَسْهمت جُهودُها بينَ روسيا وأوكرانيا، وأعادَتِ الحُرّيّةَ لآلافِ الأَسرى الّذين استعادوا حَياتَهم من جَديدٍ بفضلِ هذه الوساطةِ النّبيلةِ.

وهو ما يَعكِسُ الجُهودَ المُتفانيةَ الّتي تَبذلُها الدَّولةُ من خِلالِ نَهجِها الدِّبلوماسيِّ لِلحدِّ من آثارِ الحُروبِ والنِّزاعاتِ والتَّخفيفِ من تداعياتِ الفَقرِ والمُعاناةِ.

تُجسِّدُ هذه الجُهودُ المكانةَ المُتناميةَ لِلدِّبلوماسيّةِ الإماراتيّةِ كأداةٍ فاعلةٍ لإحداثِ الفَرقِ، حاملةً رسالةَ الدَّولةِ في نَشرِ السَّلامِ، ودَفعِ عَجلةِ التَّنميةِ، وتَرسِيخِ حضورِها كقُوّةٍ ناعمةٍ ذاتِ تأثيرٍ عالَميٍّ.

أعزّائي الطّلَبةُ،

اِنضِمامُكُم اليومَ إلى أكاديميّةِ أنور قرقاش الدِّبلوماسيّةِ هو اِنطِلاقةُ رِحلتِكُم في خِدمةِ الوَطنِ والإنسانيّةِ. فهُنا، لا تَقتصِرُ تَجرِبتُكُم على تَلَقّي المَعرِفةِ النَّظَريّةِ، بَل تَمتدُّ لِتَشمَلَ التَّدريبَ العَمَليَّ، والمُشارَكةَ في المَحافِلِ الدَّوليّةِ، والاِنخِراطَ في مُبادَراتٍ بَحثيّةٍ واستِشرافيّةٍ تَعكِسُ واقِعَ الدِّبلوماسيّةِ الحَديثةِ. وما سَتَكتَسِبونَهُ من خِبراتٍ ومَهاراتٍ في هذه المَنارةِ التَّعليميّةِ سيكونُ زادَكُم لِتكونوا سُفَراءَ لِقِيَمِ الإماراتِ ورِسالَتِها في التَّسامُحِ والسَّلامِ والتَّعاوُنِ العالَميِّ.

لِذا أُوصيكُم بأن تَجعَلوا من هذه المَرحلةِ فُرصَةً لِصَقلِ الفِكرِ وتَطويرِ الذّاتِ، وأن تَحرِصوا على التَّحلّي بالشَّغَفِ والاِنضِباطِ والفُضولِ المَعرِفيِّ، فأنتم الجيلُ الّذي سَيُواصِلُ رَسمَ مَلامِحِ مُستَقبَلِ الدِّبلوماسيّةِ الإماراتيّةِ، ويُضيفُ إلى سِجِلِّها النّاصِعِ فُصولًا جَديدةً من الرِّيادةِ والتَّأثيرِ.

وفي الختامِ،

اِعلَموا أنَّ مَسيرتَكُم في الأكاديميّةِ سَتكونُ مَليئَةً بالتَّحدّياتِ، لكِنَّها أيضًا حافِلَةً بالفُرَصِ الّتي سَتَنمّي عُقولَكُم وتَبني شَخصيّاتِكُم وتُهَيِّئَكُم لِحَملِ أمانةٍ عَظيمةٍ في خِدمةِ الوَطنِ.

أنتمُ اليومَ على مَشارِفِ رِحلَةٍ جديدةٍ، تَحمِلون فيها تَطَلُّعاتِ وَطنِكُم، وتَستَمدّون من قِيادَتِكُم الرَّشيدةِ الدَّعمَ والعَزمَ والإلهامَ، وكُلُّ جُهدٍ تُبذِلونَهُ في هذه المَرحلةِ هو استِثمارٌ في مُستَقبَلِكُم، وفي رِفعَةِ اسمِ الإماراتِ بَينَ الأُمَمِ.

تَمنِيّاتي لَكُم بِالتَّوفيقِ والتَّميُّزِ، سائلًا اللهَ أن يُكَلِّلَ مَسيرتَكُم بالنَّجاحِ، لِتَكتُبوا صَفَحاتٍ جديدةً مُشرِقةً في سِجِلِّ الدِّبلوماسيّةِ الإماراتيّةِ.

والسَّلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه.